الواقع الافتراضي في السياحة الرقمية والابتكار

وتحتل السياحة الرقمية والابتكار مكانة بارزة في استراتيجيات تطوير القطاع السياحي في الأردن، حيث تعد محاور أساسية تساهم في تعزيز تنافسية المملكة كوجهة سياحية عالمية، ومن خلال التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة والابتكارات، يمكن للأردن الوصول إلى جمهور عالمي واسع، مما يساهم في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.

وفي حديث لوكالة الأنباء الأردنية "بترا"، دعا خبراء السياحة إلى التركيز على تطوير المنتجات السياحية وتجارب الزوار من خلال الجولات الافتراضية والتطبيقات التفاعلية، مما يعزز جاذبية المواقع السياحية ويجعلها أكثر ملاءمة للأجيال الشابة، التي تستفيد بشكل كبير من التطور التكنولوجي. وقالوا إنه بفضل تاريخ الأردن الطويل وموقعه الجغرافي الفريد، فإن الفرص المتاحة للترويج للسياحة من خلال الابتكارات الرقمية تتزايد باستمرار، داعين إلى أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز قدرات الطلبة في مجالات السياحة والإدارة، لضمان تحقيق نتائج مستدامة تضع الأردن في مكانة بارزة على خريطة السياحة العالمية.

أكد مدير عام هيئة تنشيط السياحة الأردنية الدكتور عبد الرزاق عربيات أن السياحة الرقمية والابتكار محوران رئيسيان في استراتيجيات الهيئة التي تهدف إلى دعم قطاع السياحة وتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية، مشيرا إلى أن الهيئة تسعى إلى تعزيز التحول الرقمي في التسويق السياحي من خلال توفير منصات رقمية تفاعلية وتطوير المواقع الإلكترونية والتطبيقات الذكية، مما يسهل على الزوار اكتشاف المواقع السياحية في الأردن، وتتضمن هذه الاستراتيجية التسويق الفعال عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال حملات مبتكرة تستهدف شرائح مختلفة من السياح، وأضاف الدكتور عربيات أن استخدام التقنيات الحديثة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز يمكن أن يساهم في تقديم تجربة فريدة للسائح، حيث يمكنهم التفاعل مع المواقع قبل زيارتها فعليا، مشيرا إلى أهمية الابتكار في تطوير المحتوى السياحي الذي يتضمن مقاطع فيديو ترويجية عالية الجودة وقوائم تفاعلية مثل الخرائط الرقمية والجولات الافتراضية التي تقدم معلومات دقيقة عن المواقع الأثرية والسياحية، بالإضافة إلى تقديم قصص وتجارب تفاعلية تشجع السياح على مشاركة تجاربهم، مما يعزز التفاعل مع العلامة السياحية للأردن ويعزز الشراكات مع شركات التكنولوجيا.

وأشار الخبير في الابتكار والتطوير السياحي إبراهيم النبالي إلى أهمية تعزيز السياحة الرقمية واستغلال الفرص المتاحة بشكل فعال، مؤكداً على ضرورة دعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية السياحية وتشجيع الاستثمارات في هذا المجال. وأوضح النبالي أن تدريب العاملين في مجال السياحة على المهارات اللازمة ما هو إلا خطوة نحو تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي، من خلال خلق برامج تدريبية لتنمية مهاراتهم. وكمثال معاصر على الحاجة إلى مثل هذا الابتكار، أشار النبالي إلى تسويق كنيسة معمودية السيد المسيح التي افتتحت مؤخراً باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والصور بزاوية 360 درجة، مما يسمح للزوار من جميع أنحاء العالم بالتفاعل مع تفاصيل الموقع، وتعزيز مكانته كوجهة سياحية مهمة في سياق السياحة الدينية. وشدد النبالي على ضرورة إنشاء حاضنات للابتكار السياحي للمساعدة في تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع قابلة للتطبيق، مشيراً إلى وجود أكثر من 3 آلاف طالب سياحة لديهم أفكار مبتكرة. كما أكد على أهمية دور الوزارة وهيئة تنشيط السياحة والغرف التجارية في دعم الابتكار حيث يمثل قطاع السياحة 15% من الناتج المحلي الإجمالي مما يعكس أهمية جذب الاستثمارات وبالتالي الحد من البطالة.

وأكدت الدكتورة منى السليحات رئيسة قسم إدارة السياحة في الجامعة الأردنية على أهمية التنوع الأثري في الأردن حيث يتجاوز عدد المواقع الأثرية المكتشفة 100 ألف موقع مما يوفر أساس قوي لعمليات الترويج السياحي. وأوضحت أن قسم إدارة السياحة يسعى إلى إعداد كوادر بشرية مؤهلة لتلبية احتياجات سوق العمل من خلال بيئة تعليمية شاملة وبالتالي تنمية مهارات الطلبة للعمل في مجالات مختلفة مثل التسويق الرقمي وإدارة الفعاليات. وأشارت إلى أن القسم سيطلق مبادرة "هاكاثون السياحة" خلال الفصل الدراسي الثاني بعنوان "مستقبل السياحة الأردنية بعيون الشباب: السياحة والتمكين" وهو برنامج تدريبي ومسابقة تهدف إلى تنمية مهارات الطلبة في مجال ريادة الأعمال السياحية وتشجيعهم على الابتكار والإبداع.